ما هى الطريقه التى يخلق بها الناس واقعهم ؟؟
بعد أن نولد ، تكون أمامنا معارف وخبرات كثيره لنكتسبها- كل شئ
بداية من المشى والكلام وإطعام أنفسنا إلى اتخاذ القرارات حول ما يجب علينا فعله طوال باقي حياتنا .
إن عقولنا تتعلم وبسرعة كيف تنتج السلوك تلقائيا، وهذا بالطبع لا يعنى أن العقل يتعلم دائما السلوك "المناسب" الذي ينتقيه لينتجه تلقائيا ، بل إن عقولنا فى كثير من الأحيان تتعلم فعل أشياء بطريقة تجعلنا تعساء أو حتى مرضى.
نحن نتعلم عن طريق التكرار، وأى شيء نفعله لعدد كاف من المرات يتخذ طرقه العصبية في المخ، وكل خلية عصبية تتعلم كيف تتصل وتنطلق بالارتباط مع غيرها من الخلايا، وهكذا يتم إرساء السلوك.
ويعد كل من النوم والأحلام جزأين مهمين في عملية التعلم. وقد كان "فرويد" يعتقد أن الأحلام مجرد "تحقيق لأمنيه كامنة" - وربما كانت كذلك بالنسبة له، اما بالنسبة لى، فأنا أعتقد أن الحلم عبارة عن تدريب يحدث خارج نطاق الوعى. فأنا عندما أكون بصدد فعل شيء لم افعله من قبل أميل إلى الذهاب إلى البيت وانام وأتدرب على فعله طوال الليل، وهذه إحدى وظائف النوم الذي يتميز بحركة العين السريعة (REM).
فنوم حركة العين السريعه هو الطريقة التي يعالج بها العقل الباطن الخبرات التي تم التعرض لها طوال اليوم. فهو عبارة عن تدريب متكرر بالمعنى الحرفي، لقولبة ما تم
تعلمه حديثا على المستوى العصبى وتعد كل من المعلومات الوصفية ومادتها من الأمور المهمة للغاية فى عملية التعلم. فإذا لم يتم إعطاء العقل شيئا محددا ليتعامل معه، فإن ما سيعالجه سيكون محض هراء .
وإذا كنا نخطط للتحكم فى عملية التعلم لدينا، فيجب ان نفهم ان التكرار ليس وحده هو المهم بل السرعة ايضا.
لقد تم تصميم العقل لكي يدرك الأنماط، ويجب أن يتم تقديم النمط بسرعة كافية ليصبح الإنسان قادرًا على إدراك كُنه هذا النمط.
إننا سنجد معظم الأشخاص يرسمون صورًا على هوامش كتبهم المدرسية ثم يقلبون الصفحات بسرعة ليجعلوا الصور تبدو وكأنها تتحرك. فكل صفحة بها صورتها الساكنة، لكن العقل سيجد نمطًا ما - وهو في هذه الحالة الحركة – إذا تم تحريك الصور بالسرعة الكافية.
ولن يكون بمقدورنا أن نستمتع بالأفلام بدون هذه العملية، حيث لن يمكننا أبدا فهم القصة إذا ما رأينا إطارا واحدا في اليوم.
لذلك عندما نحلم فإننا نقلب بين الأشياء لنتعلم، ولكننا لا نفعل ذلك على أرض الواقع؛ فالوقت "الداخلي" يختلف عن الوقت الحقيقي من حيث أننا نستطيع أن نمده أو نقصره. إننا نتعلم بسرعة غير عادية – حيث يمكننا أن ننجز في خمس دقائق أثناء النوم ما ننجزه في ثماني ساعات أثناء الاستيقاظ
ويؤكد الباحثون المتخصصون فى النوم هذه الفكرة. فقد تبين ان الذين خضعوا للدراسة ورأوا أحلاما طويلة ومعقدة عندما تم فحصهم عصبيا لم يحلموا بها إلا لدقائق أو حتى ثوان في كل مرة.
ولذلك فإن النوم يعد إحدى الطرق التى نبرمج بها أنفسنا. ونعيد برمجتها
وإن كنت تشك فى مقدرتك على فعل هذا، فجرب ما يلى هذه الليلة :-
عندما تخلد للنوم ، انظر إلى الساعه وقل لنفسك عدة مرات بحزم إنك تستيقظ في وقت محدد ، واضبط المنبه إن أردت ، فأنك سوف تستيقظ قبل أن يرن المنبه بثانيه أو ثانيتين
وهذا حقيقي ومجرب وهذا شيء صادفته فى العديد من الثقافات المختلفة؛ فبعض الناس يرطمون الوسادة برؤوسهم برفق نفس عدد المرات المساوية للساعة التي يريدون الاستيقاظ فيها. ويقوم البعض الآخر بالنقر على رؤوسهم أو على سواعدهم لتحديد الوقت الذي سيستيقظون فيه.
ومهما كانت الطريقة التي يتم بها الأمر، فالمبدأ واحد وهو أنك "تعرف" بطريقة أو بأخرى أن هناك ساعة داخلية تستطيع ضبطها باستخدام طقس معين، وبغض النظر عن مدى عمق نومك، فإن هذه الساعة ستوقظك بكفاءة كأى منبه آخر.
فإذا استطعنا أن نبرمج أنفسنا على فعل شيء واحد صغير - مثل الاستيقاظ بدون منبه - فإن باستطاعتنا أيضًا أن نبرمج عقولنا على فعل أشياء كثيرة
والحقيقه أننا عندما نعرف الكيفية التي تحدث بها الأشياء، فإنه يصبح
من السهل تغييرها. فنحن مخلوقات يسهل برمجتها - ولكنها فكرة غير شائعة
مثلها في ذلك مثل الفكرة التى تظل فى مكان ما دون أن يتم تداولها.
وعندما تم انتشار استخدام مصطلح "البرمجة" غضب الناس بشدة وقالوا أشياء مثل :- ( انك تقول إننا كالالات إننا بشر ولسنا أناسًا اليين".
و لكن في حقيقة الأمر نحن الآلة الوحيدة التي يمكنها أن تبرمج نفسها.
إننا يمكن أن نبرمج أنفسنا"، فيمكننا أن نضع برامج آليه مصممة خصيصاً كي تعمل بنفسها لمعالجة الملل والمهمات البسيطة، ومن ثم تحرر عقولنا وتتفرع لعمل أشياء أخرى أكثر إمتاعا وإبداعا.
وفى نفس الوقت، إذا كنا نفعل أشياء تلقائية لا ينبغى أن نفعلها - مثل إفراط فى تناول الطعام أو التدخين أو الخوف من المصاعد أو العالم الخارجي أو الإحباط - فإننا نستطيع أن تبرمج أنفسنا لنتغير، وهذا ليس له صلة بالإنسان الآلى، بل إنه تصرف ينبع من أى روح حرة.
وبالنسبة لي، فإن تعريف الحرية هو القدرة على استخدام عقلك الواعي لتوجيه نشاطك اللاواعي: فالعقل الباطن له قوة هائلة لكنه يحتاج إلى توجيه وبدون توجيه، فإنه من الممكن أن ينتهى بك المطاف وكأنك تبحث عن إبرة في كومة من القش... إلى أن تكتشف فى النهاية أن ما تبحث عنه ليس له وجود على الإطلاق.