قراءة علميّة في العلاقة بين النفس والجسد✨
يُظهر هذا الرسم التوضيحي ما يُعرف في علم النفس الجسدي بـ خريطة الجسد والمشاعر، وهي فكرة تقوم على أن الجسد لا يفصل نفسه عن الحالة النفسية والعقلية للإنسان، بل يعكسها على شكل أعراض جسدية أو توترات عضلية أو آلام متكررة لا تفسَّر طبيًّا أحيانًا.
تُعرف هذه الظاهرة في الطب النفسي بمصطلح الأعراض النفسجسدية (Psychosomatic Symptoms)، حيث تتحول المشاعر المكبوتة أو الأفكار السلبية المستمرة إلى رسائل يرسلها الجسد بلغة الألم.
☀️الرأس: مركز التفكير والقلق المستمر
آلام الرأس أو الصداع المزمن كثيرًا ما ترتبط بفرط التفكير، والقلق، ومحاولات السيطرة العقلية الزائدة.
الدماغ هنا يعبّر عن إجهاد معرفي، وكأن صاحبه يحمل عبء القرارات والمخاوف كلها في وقت واحد.
تؤكد دراسات علم الأعصاب أن التفكير المستمر يرفع من إفراز هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون المسؤول عن التوتر، مما يؤدي إلى شد عضلي في منطقة الرقبة والرأس.
☀️الكتف والصدر: حمل المسؤوليات والمشاعر المكبوتة
الكتف الأيمن أو الأيسر قد يعكسان شعورًا بالثقل، وكأن الشخص “يحمل العالم فوق كتفيه”.
هذه الحالة شائعة لدى الأشخاص ذوي الإحساس العالي بالمسؤولية أو من يعيشون صراعات داخلية بين ما يريدونه وما يُتوقَّع منهم.
☀️أما الصدر، فيرتبط غالبًا بمشاعر الحزن والفقد. علميًّا، يُفسَّر ذلك بأن التنفس يصبح سطحيًّا أثناء الحزن، ما يحدّ من تدفق الأوكسجين ويزيد الضغط على عضلات الصدر.
☀️المعدة والبطن: موطن الخوف والقلق
المعدة تمثّل مركزًا للتوتر والخوف من المجهول، وهي أكثر الأعضاء استجابة للانفعالات النفسية.
يقول علماء الطب النفسي الجسدي إن المعدة والأمعاء تُعتبر “الدماغ الثاني” في الجسم، بسبب احتوائها على شبكة عصبية كبيرة تعرف بـ الجهاز العصبي المعوي (Enteric Nervous System)، الذي يتأثر مباشرة بالحالة العاطفية، وهو ما يفسر القول الشائع: “أشعر بالتوتر في بطني”.
☀️الظهر والعمود الفقري: رمزية الدعم والتحمل
الآلام المزمنة في أسفل الظهر قد تعبّر عن شعور بعدم وجود دعم أو خوف من فقدان الاستقرار المالي أو العاطفي.
من وجهة نظر علمية، التوتر المزمن يؤدي إلى تقلص عضلات الظهر وإفراز مواد التهابية طفيفة، فيشعر الشخص بالألم دون سبب عضوي واضح.
يُترجم الجسد هنا فكرة “أنا مضطر أن أتحمل كل شيء وحدي”.
☀️الأطراف: الحركة، التقدم، والخوف من الفشل
الأرجل والقدم تمثلان الرغبة في التقدم أو الهروب، لذلك ترتبط مشاكلهما غالبًا بمشاعر الخوف من المستقبل أو عدم الثقة في الخطوات القادمة.
من الناحية العصبية، القلق المزمن يؤثر على تدفق الدم للأطراف، ما يفسّر الإحساس بالبرودة أو الوخز في القدمين لدى بعض الأشخاص القَلِقين.
📮الرسالة العامة للخريطة 📮
تؤكد هذه الخريطة أن الجسد ليس آلة منفصلة، بل نظام متكامل يتفاعل مع أفكارنا ومشاعرنا لحظة بلحظة.
إنها دعوة للإنصات إلى الجسد بدل مقاومته، وفهم أن الألم ليس عدوًّا، بل رسالة تحتاج إلى وعي.
حين نمنح أنفسنا مساحة للتعبير عن المشاعر المكبوتة أو نغيّر طريقة تفكيرنا، تبدأ الطاقة العصبية والهرمونية في التوازن مجددًا، فيخفّ الألم تدريجيًّا.
ابدء اليوم بمراقبة منطقة واحدة في جسدك تشعر فيها بتوتر أو ثِقل، واسأل نفسك بهدوء:
ما الفكرة أو المشاعر التي أقاومها هنا؟
ثم خذ أنفاسًا عميقة، وتخيّل أن كل زفير يحرّر هذا الجزء من جسدك من الفكرة العالقة فيه.
تلك الملاحظة الواعية هي أول خطوة نحو شفاء الجسد من الداخل.
#منى_الغضبان
#جسدك_يتحدث
